من سيناريو وحوار حنان حسين المهرَجي، ومعالجة درامية فادي المنفي، وإخراج الأخوين بسّام ومؤمن الملاّ، يُعرض مسلسل البيئة الشامية "سوق الحرير" على MBC1 و"MBC العراق" في رمضان، وهو من بطولة مجموعة كبيرة من نجوم الدراما السورية أبرزهم: بسام كوسا، سلوم حداد، أسعد فضة، عبد الهادي الصباغ، كاريس بشار، فادي صبيح، نادين تحسين بك، قمر خلف، وفاء موصللي، ميلاد يوسف، فاديا عزّام، وبمشاركة نهال عنبر من مصر.
. وآخرين.
تدور أحداث المسلسل في أحياء دمشق العتيقة خلال خمسينيات القرن الماضي، وترصد التفاصيل الاجتماعية في الحارة الشامية خلال فترةٍ أعقبت خروج الاحتلال الفرنسي من سوريا، وشهدت انفتاحاً فكرياً وثقافياً وسياسياً لا نظير له، فمن معرض دمشق الدولي، وصولاً إلى المسارح ودور السينما، فالأسواق والأزياء، والجامعات والحركات الطلاّبية والأحزاب، إلى غيرها من مفاصل الحياة الدمشقية في فترة الزمن الجميل.
يوضح المخرج مؤمن الملاّ أن مسلسل سوق الحرير "يحمل طرحاً مختلفاً عن البيئة الشامية عموماً، فهو يقدم دمشق في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، وما شهدته من ازدهار وانفتاح اجتماعي وثقافي وسياسي وفني واقتصادي". يشرح مؤمن الملاّ طبيعة الاختلاف بين "سوق الحرير" وغيره من أعمال البيئة الشامية التي قدّمها على مدى نحو عقدين من الزمن: "يكمن الاختلاف في نقطة الطرح، فنحن نتحدث هنا عن معطيات مختلفة لمفهوم البيئة الشامية، ونقدمها على نحوٍ أقرب ما يمكن إلى الحقيقة في تلك الحقبة.. بمعنى أننا في عصر الكهرباء وأم كلثوم وعبد الحليم وبدايات مرحلة فيروز على إذاعة دمشق.. نتحدث عن مرحلة الفن الجميل والسينما والمسرح وغيرها من عناصر الحضارة التي كانت في أَوْج ألَقها." وحول قصة المسلسل وحبكته الدرامية يقول مؤمن الملاّ: "تسير الأحداث وفق خطّيْن درامييْن أساسييْن، فهناك أخويْن يختفي أحدهما في ظروفٍ غامضة للغاية فيعتبره الجميع ميتاً باستثناء والدته التي ترفض فكرة موت ابنها وتتملّكها قناعة كاملة بأنه ما زال حياً يرزق.. هكذا يظهر الأخ المختفي بعد نحو 35 عاماً ومعه مفاجآت قصة اختفائه!" يتابع مؤمن الملاّ الذي يرفض الخوض في تفاصيل الأحداث للحفاظ على عناصر المفاجأة: "تنشأ سلسلة من الأحداث المرتبطة بالحدث الأبرز وهو عودة الأخ المفقود، إذ سنتابع ما ستؤول إليه علاقته بأمه وشقيقه وزوجات شقيقه وأهل الحارة.. والأسرار التي خبّأتها السنوات.. إلى غيرها من المعطيات المشوّقة والمتسارعة." وحول دور المرأة في المسلسل، يقول مؤمن الملاّ: "سنتابع في سوق الحرير انعكاساً لنماذج مختلفة من المرأة خلال تلك الحقبة في دمشق، إذ نجد المرأة المنفتحة والمثقفة والمعتدلة إلى جانب المرأة المحافظة خلال فترة الازدهار الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والفني."
يختم مؤمن الملاّ مُثمّناً مشاركة ممثلين عرب في العمل: "سررتُ جداً بالتعامل مع نجوم من مصر والأردن وتونس.. وقد أضاف وجودهم زخَماً للأحداث، ومنحَ البُعد الاجتماعي طابعاً مختلفاً وحيوياً في انعكاسٍ للانفتاح الاجتماعي الذي شهدته دمشق في تلك الفترة وتواجد للجاليات العربية على أرضها."
تقول كاتبة العمل حنان المهرَجي: "يروي المسلسل حكاية تعود إلى حقبة الخمسينيات، يسبق ذلك مروراً سريعاً على فترة الاستقلال والتطوّر والانفتاح وإنشاء الجامعات التي شهدتها دمشق بُعيد خروج الاحتلال الفرنسي"، وتضيف المهرَجي: "تضيء الحلقات الثلاث الأولى على مرحلة الأربعينيات قبل أن يمرّ الزمن مسرعاً، وصولاً إلى منتصف الخمسينيات، حيث تُنسَج الحبكة على خطين متوازييْن نستعرض عبرهما قصة الشقيقين عمران (بسام كوسا) الذي عاش في كنف والده وورث عنه مصلحة التجارة، وغريب (سلوم حداد) الذي عاش وحيداً وبعيداً عن العائلة بعد تعرّضه لحادثٍ أفقده الذاكرة".
تتطرّق كاريس بشار إلى العمل مسلّطة الضوء على الشخصية التي تؤديها: "نحن أمام مسلسل ينتمي إلى التاريخ المعاصر، وتحديداً أواسط الخمسينيات، لذا نعرّج خلال هذه الفترة الغنية على الجانب السياسي بموازاة الجانب الاجتماعي والتغييرات التي طرأت على المجتمع آنذلك، فتلك المرحلة شهدت انتهاء ما عُرف بـ فترة الانتداب الفرنسي على سوريا ونيلها الاستقلال عام 1946". وتضيف كاريس: "أجسّد شخصية قمر وهي إحدى زوجات عُمران (بسّام كوسا)، ونشهد مواقف طريفة في تعامل الزوجات - الضراير مع بعضهن البعض بشكل مختلفٍ عمّا يرد في الدراما، فهن صديقات مقرّبات يُحسنَّ معاملة بعضهنّ، إلى أن تتمكن قمر من إشعال نار الفتنة بينهن، ما يؤدي إلى حدوث مناوشات وأحداث مشوّقة وطريفة".
ترى كاريس أن "عناصر قوة سوق الحرير، تكمن في تنوع الأحداث والأمكنة" على حدّ وصفها، مضيفةً: "ما زالت تلك الأماكن محافظةً على شكلها منذ الأربعينيات والخمسينيات، كما سنلمس تنوعاً في جنسيات الشخصيات من سوريا وتونس ومصر والأردن، ما سيشكل عامل جذب إضافي". تثني كاريس على خبرة الأخوين بسام ومؤمن الملا في هذه النوعية من المسلسلات، وتتوقف عند ما تصفه بـ: "الصعوبات التي واجهتنا خلال التصوير، لجهة الأحوال الجوية الباردة أولاً، إذ بدأنا التصوير في شهر كانون الثاني/يناير ولمدة شهر كامل في أحد البيوت العربية. أعقب ذلك صعوبة أخرى هي فايروس كورونا، الأمر الذي أوقفنا عن التصوير قُبيل نحو أسبوعين من الانتهاء، لنعود مجدداً لتصوير المشاهد الأخيرة قبل بدء شهر رمضان بأيام قليلة".
يلعب فادي صبيح دور (شحادة) بائع عرق السوس وهي المصلحة التي ورثها عن والده، ويقول: "لطالما راود شحادة طموحاً في أن يصبح من تجار السوق، وأن يعمل صبياً في محل لبيع الأقمشة ويحاول تحقيق أحلامه، لكن لديه عقدة نقص تجاه كل أهل الحارة خصوصاً الأثرياء منهم فهو حاقدٌ عليهم". يتوقف صبيح عند حدثٍ مفصلي أسّس لمستقبل الشخصية التي يقدمها، مضيفاً: "عندما كان شحادة صغيراً، اضطر لأن يسرق من أجل تأمين الدواء والطعام لوالدته، غير أن تلك السرقة التي ضُبطَ خلالها ما زالت تطارده بعد مضيّ كل تلك السنوات، فهي ما زالت عالقة في أذهان أهل الحارة الذين يُعيّرونه بها". يوضح صبيح أن شخصية شحادة ترتبط بكل أحداث الحارة، ويضيف: "تكشف التطوّرات أن أحد الأخوين عمران وغريب قد لعب دوراً سلبياً في حياته، فيضمر له الشرّ ويقرّر مواجهته".
تعرب النجمة المصرية نهال عنبر عن سعادتها بالمشاركة في عمل ينتمي إلى أعمال البيئة الشامية ويتطرّق إلى التاريخ المعاصر لسوريا، وتثني على حسن الاستقبال والضيافة التي لقيَتها، مُشيدةً بأجواء التصوير والتعامل مع فريقٍ محترف على حدّ قولها، آملة أن يجد العمل استحسان الجمهور في رمضان. وتضيف عنبر حولها دورها في العمل: "أقدم شخصية سيدة انتقلت مع عائلتها إلى دمشق قبل اندلاع الثورة على الفرنسيين، لذا نراها تحمل خوفاً شديداً على أولادها في الغربة وقلقاً كبيراً عليهم، إضافةً إلى الصعوبة التي تواجهها في التأقلم مع البلد الجديد وظروف الغربة". وتختم عنبر: "ستجد عائلتي من يساندها في الحارة، كما أن عمران (بسام كوسا) سيقف إلى جانب زوجي ويدعمه في عمله".
تلعب فادية عزام دور "أم معروف" وهي امرأة بدوية متّزنة وواعية تعود إلى الشام لزيارة صديقة والدتها، فتتوطّد علاقتها بأهل الحارة بعد عملها على النَوْل في صناعة السجاد والبسط. وتضيف فادية: "تكتشف أم معروف الكثير من أسرار الحارة وأخبارها بحكم تواصلها مع النساء وقراءتها للفنجان والطالع، لكنها تخفي الكثير من تلك الأسرار وتفصح عن بعضها في سعيها للمساعدة قدر الإمكان." وتلفت فادية إلى أن "أم معروف تلتقي ب عزّو أبو قمر (عبد الهادي صباغ)، فيقع في غرامها ما سيفتح باباً جديداً من المشاكل إذا سيورّطها عزّو مع زوجته أم قمر (وفاء موصللي)." وتختم فادية موضحةً أن ثمّة تغيير في مسار الشخصية فرضته ظروف أزمة كورونا وإقفال المطارات قبل استكمال تصوير مشاهدها في المسلسل: "بسبب الأوضاع وإقفال المطارات لم أتمكن من استكمال مشاهدي، وسيُبرّر غياب الشخصية على أنها في زيارة إلى أقاربها في حلب".